في اليوم العالمي لمرض الزهايمر

بقلم: نجية الشباظمي

من منا يتخيل يوما أن عقله قد يصبح صفحة بيضاء لا أثر لذكريات الماضي بها ، لا أسماء و لا أرقام و لا حتى وجوه أو ملامح . آفة تصيب خلايا الدماغ فتدمرها و تقضي عليها ، فيصبح النسيان لعنة بعدما كان نعمة يمن الله بها علينا كي ننسى أحزاننا ، فينسي الزهايمر أصحابه أسماءهم ، و ملامح ذويهم و أحبابهم و تصبح مأساة الجميع ، مرض الجميع و معاناة الجميع ، نوم قليل أو منعدم ، شهية تتضاءل يوما بعد يوم ، هزال، كآبة و عدم استقرار نفسي و جسدي ، يبدو و كأن الدماغ شجرة أصابها الخريف فتساقطت أوراقها واحدة تلو الأخرى ، و لم يكتشف حقيقة أمرها إلا بعد أن أصبحت عارية باردة تعصف بها الرياح و تتقاذفها .هكذا يصبح مرض الزهايمر غولا مفزعا يخيف كل من نسي أين وضع مفاتيح سيارته ، أو اسم أحد أصدقائه ، أو حتى رقم هاتف أحد أقربائه .
فما هو هذا الغول الذي يزحف على ذكريات الماضي القريب منها قبل البعيد :
يأخذ المرض صاحبه عبر مراحل متعددة ، قد لا يلاحظ فيها إصابته في البداية و لا يكتشف ذلك إلا من خلال فحوصات دقيقة عند الطبيب المختص في المخ و الأعصاب ، ثم تأتي بعدها مرحلة خفيفة لا تؤثر على قدرات و مهارات الفرد الإدراكية تمر هي الأخرى مرور الكرام ، و تتقدم الاصابة يوما بعد يوم و شهرا بعد شهر إلى أن يصبح الفرد خلالها عاجزا عن إدراك ما حوله فيصبح عاجزا عن تدبير شؤونه بنفسه ، و تندثر قدرته في الاعتماد على نفسه ، فيصبح عبئا على المحيطين به و حينما يصل الفرد إلى أقصى مراحل المرض أو ما يطلق عليه بالخرف يفقد الكثير من مهاراته التي كان يستطيع القيام بها ، كتذكر أسماء الأبناء ، القيام بالعمليات الحسابية ، اختيار نوع الملابس المناسب للفصل و الاهتمام بالنظافة الشخصية ، و غيرها من الأمور الأساسية للعيش و التعايش مع الآخرين .
و تعتبر الوقاية خير من العلاج في جميع الأمراض و خصوصا مرض الزهايمر ، حيث تعتبر بعض التدابير من الأمور المساعدة
على تجنب هذه العلة حيث أن :
*النشاط البدني يساهم في الحماية من الكثير من الأمراض و خصوصا هذا المرض اللعين .
*التغذية الموازنة و الغنية بفيتامين ب و حمض الفوليك
*النوم الجيد يساهم في تحسين الصحة و الوقاية من العديد من الأمراض .
*صدمات الرأس من الأسباب المساهمة في الزهايمر لذلك يتعبر تجنبها و اخذ الحيطة و الحذر منها من الأمور المساهمة في تحسن الصحة .
*مراقبة سكر الدم من الأمور المساهمة في الوقاية من الزهايمر
*الاهتمام بالصحة النفسية أمر لا يستهان به و علينا اعتباره جزءا مهما من الصحة العامة لنا جميعا و تدهور هذا الجانب يؤدي ألى العديد من المشاكل .
*ممارسة الأنشطة الذهنية تساعد كثيرا في تنشيط الذاكرة و تحفيزها و المحافظة عليها و ذلك من خلال العديد من الألعاب الذهنية و التي تعتمد على الأرقام أو الكلمات .
نحتاج جميعا الاهتمام بصحتنا و صحة المحيطين بنا و خصوصا عند سن معين “بعد الستين” حتى نتمكن من العيش في ظروف آمنة و مريحة لنا جميعا ، فمرض أي فرد من أفراد العائلة يجعل العائلة كلها مريضة ، ما يكون له انعكاسات سلبية على صحة المجتمع كافة ، فالصحة تاج فوق رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى .

اترك رد