في انتظار خطاب افتتاح البرلمان.. تحذير ملكي للحكومة وإجابة هادئة لصوت الشارع

بقلم: عمر المصادي

في لحظة سياسية واجتماعية دقيقة، يشهد فيها الشارع المغربي تصاعدا ملحوظا في وتيرة الإحتجاجات الإجتماعية بسبب الغلاء، البطالة، والفوارق الإجتماعية والمجالية، جاء خطاب العرش لسنة 2025 محملا برسائل عميقة، بعضها توجيهي، وبعضها الآخر تحذيري وصارم.
قال جلالة الملك محمد السادس حفظه الله:
” هدفنا أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء. ”
هذا التصريح الملكي ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو بمثابة إعادة ضبط للبوصلة، وتحذير واضح من الإستمرار في سياسات لا تحقق العدالة في توزيع الثروات ولا تشعر المواطن بتحسن فعلي في ظروفه اليومية.

لقد كان الخطاب السامي في صيغة هادئة، لكن المتأمل في مضمونه يقرأ بين السطور تحذيرات مباشرة للحكومة ومختلف الفاعلين العموميين، فجلالة الملك نبه، بلغة سياسية دقيقة، إلى أن مغرب اليوم لم يعد يتحمل التأخر في الإنجاز، ولا القرارات البيروقراطية التي تفرغ البرامج من مضمونها.
كما حمل الخطاب إشارات قوية إلى أن استمرار الفوارق الإجتماعية والمجالية، وإقصاء بعض الفئات من ثمار التنمية، يعد تهديدا للوحدة الوطنية والتماسك الإجتماعي.

بين الصورة البارزة والعنوان

الإحتجاجات التي تعرفها عدة مناطق مغربية ليست إلا انعكاسا لصوت مواطن يشعر بأن وعود التنمية لم تصل إليه.
وفي هذا السياق، كان الخطاب الملكي كأنه رد هادئ على الغضب الشعبي، وتوبيخ غير مباشر للمسؤولين عن بطء وتيرة الإصلاحات، أو من لا يتفاعلون مع انتظارات المواطنين بجدية ومسؤولية.
فالمواطن المغربي، كما أشار الملك في أكثر من مناسبة، لا يطلب المستحيل، بل فقط أن يرى أثر المشاريع على أرض الواقع: تعليم جيد، خدمات صحية محترمة، فرص شغل، وبنية تحتية تليق بكرامته.

ومن بين أبرز ما يمكن استنتاجه من الخطاب، أنه لم يترك للحكومة مجالا للمناورة أو التبرير.
فالملك وضعها أمام مسؤولياتها، وذكرها بأن البرامج والمبادرات ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لخدمة المواطن، وكل تقصير أو تأخر في هذا الصدد له تبعات اجتماعية وسياسية خطيرة.

وهكذا كان خطاب العرش لهذه السنة لحظة فاصلة بين مرحلة ومرحلة، فإما أن تراجع الحكومة أولوياتها وتتدارك أخطاءها، أو أن تفقد ما تبقى من ثقة الشارع، إنها فرصة أخيرة للتصحيح، وتحذير ملكي لا ينبغي تجاهله.
في ظل هذا السياق، تبقى الكرة اليوم في ملعب الحكومة والمؤسسات المنتخبة. أما الشارع، فقد قال كلمته .. و جلالة الملك نصره الله أيضا.

اترك رد