الشباب.. ريع الكرسي نساه كلشي

بقلم: أبوزير المصطفى (*)
يقول الفيلسوف العظيم سقراط: “لا شيئ صعب بالنسبة للشباب” ويقول الشهيد المهدي بنبركة في أحد أقواله المشهورة: “نحن نبني الشباب والشباب يبني الوطن” ويقول جورج دونالد : “تنتهي وظيفتنا في الحياة عندما نتوقف عن فهم الشباب”.
فبناء الوطن يحتاج للسواعد الشابة الكفؤة لكي يتقدم هذا الوطن وينافس البلدان والأمم، والشباب كان دائماً طليعة للتشييد والبناء ولذلك وجب وجود شباب أقوياء من كل الجوانب شباب ذي أخلاق نبيلة، وقلوب شجاعة، وعقول واعية ومشرقة أي أن الشباب هو المجهول الذي يجب معرفته، وكلمة السر لباب المستقبل التي يجب إيجادها، وهذا هو دور الأحزاب السياسية التي يحق لها من الزاوية السياسية كمؤسسات رسمية من خلال استقطاب الشباب والعمل على تأطيرهم وتكوينهم وغرس في نفوسهم قيم ومباديء حب الوطن والذوذ عنه ويأتي هذا الدور من خلال الدفاع عن المواطنين والتعبير عن مطالبهم واحتياجاتهم ومشاغلهم وتحصين مكتسباتهم التي تركت لنا أمانة ممن سبقونا ممن ضحوا بزهرة شبابهم في سبيلها زمن الجمر والرصاص وهو مايحفز الشباب للمشاركة السياسية عندما يجد هؤلاء الشباب الوالج لعوالم السياسة القدوة التي تعطيه المثال والنموذج في التضحية والبذل والعطاء.
ولكن منذ الربيع العربي والذي قاده خيرة شباب الوطن من طنجة العالية للكويرة الغالية سنة 2011 والذي توج بتعديلات دستورية ضمنت في دستور 2011 تلتها انتخابات 25 نونبر 2011 والتي تميزت باعتمادها تدابير قانونية استثنائية كتخصيص تمثيلية للشباب بالبرلمان من خلال اللائحة الوطنية للشباب والتي اعتبرها الشباب آنذاك أنها ستمثله وستعمل على الترافع لتحصين مكتسباته وستدافع عن مطالبه ولكن ما لبثت أن انقشعت شمس سنة 2014 التي تم فيها اعتقال تسعة معطلين من الأطر العليا المعطلة -حركة المعطلين- حتى برزت أولى الحقائق الصادمة لبعض أولئك الشباب/النواب الذين خذلوا الشباب/المعتقلين في أول اختبار إذا ما استثنينا بعض أولئك الذين تجندوا في صف هاته الفئة التي اعتقلت ظلماً وقاموا بزيارة لهم بالمعتقل بالسجن السيء الذكر -الزاكي- بسلا عقب تعرض أحد هؤلاء الأطر التسعة المعتقلة لثلاثة أيام من التعذيب ومناشدتهم من قبة البرلمان لمن يمتلك القرار بالإفراج الفوري عنهم لما يكتسيه الاعتقال التعسفي لهذه الفئة التي لا تشكل تهديد للدولة ولا تهديد لمرافقها العمومية بحكم مستواها التعليمي الجامعي العالي ولطبيعة مطالبها والتي هي مطالب حركة المعطلين عموماً والتي تتجلى في حقها في التظاهر السلمي وحقها في الشغل القار في انسجام مع الدستور المغربي والمواثيق الدولية وشبه غياب لترافع البرلمانيين الشباب المنتخبين وفق لائحة الشباب في البرلمان…
بعد هذه الواقعة وفي سنة 2016 كانت هناك قضية الأساتذة المتدربين الذين لم يجدوا في صفهم هاته الفئة من البرلمانيين الشباب المنتخبين وفق لائحة الشباب وترافع الشيوخ عنهم -إن صح القول- في انتهازية مقيتة لم تكن منتظرة من فئة الشباب وهي بحكم طبيعة القضية كان هم الأقدر للترافع عن إخوانهم/الأساتذة المتدربين في مواجهة القرارات الديكتاتورية والاستبدادية من رئيس الحكومة السابق صاحب التقاعد الخيالي السمين التي كانت ترمي لتشريد هذه الفئة من الأساتذة.
وتاليها سنة 2017 والذي شهد بداية أزمة ملف أساتذة التعاقد وانتكاسة انتقال التوظيف النظامي إلى التوظيف بالتعاقد وفق المرسوم المشؤوم الذي أقره رئيس الحكومة السابق صاحب التقاعد الخيالي عبد الإله بنكيران وحزب العدالة والتنمية وحكم على الآلاف من الأساتذة باحتجاجات طويلة المدى وتوريط وزارة التعليم في ملف شائك فرض عليها كما فرض على أساتذته ولم نسمع فيها لهؤلاء البرلمانيين الشباب المنتخبين وفق لائحة الشباب ركزاً في البرلمان…
هذا فقط غيض من فيض وإلا فحبر قلمي سينتهي قبل أن أنتهي من تدوين كل الإجهازات على مستوى الحقوق والحريات والمكتسبات التي شملت مجموع القطاعات واستهدفت الشباب على وجه الخصوص من خلال التدبير الشعبوي لصاحب التقاعد الخيالي السمين عبد الإله بنكيران وحزب العدالة والتنمية الذي وصل للحكومة على ظهر شباب حركة 20 فبراير ولم نسمع فيها لهؤلاء البرلمانيين الشباب المنتخبين وفق لائحة الشباب ركزاً في البرلمان إلا من خلال بعض الشباب والذين لا يحتاجون لهذه اللائحة للوصول لقبة البرلمان لقاعدتهم الانتخابية وشعبيتهم في دوائرهم المحلية……..
ويمكننا أن نقول أن اللائحة الوطنية للشباب كإجراء مؤقت أعطت مفعولا عكسيا، وجعلت الشباب انتهازيا بانتظار الريع الذي تجود به القيادة، من خلال استغلال قيادات الأحزاب لهاته اللائحة الريعية كآلية لضرب وفرملة أي فعل سياسي تفرزه الشبيبات الحزبية داخل الحزب من خلال تقديم التنازلات والانقلاب على المباديء والقيم وجعل هم القيادات الشابة للشبيبة اقتسام الكعكة أو الاستفادة من الامتيازات الريعية التي أصبحت تحرك اليوم بعض الشباب أو مايسمون بالقيادات الشبابية ونحن نعلم كيف أصبحت اليوم تصنع هاته القيادات الشابة/ الأشباح في المطبخ السياسي للحزب السياسي والذي يشترط فيها قلة الكفاءة المطبق والولاء المطلق وتجهيز الطاولات والكراسي والتصفيق الأحمق والتهميش لصاحب فكر نقدي من أساتذة ودكاترة ومهندسين وأطباء وصيادلة وكل صاحب مستوى جامعي عالي خصوصاً إذا كان أمين عام أو رئيس هذا الحزب ذو مستوى تعليمي متدني أو لا مستوى تعليمي له.
فمادام وصول الشباب للكرسي سينسيه في كل شيء وسيصبح همه وشغله الشاغل سليفيات وسفريات على حساب دافعي الضرائب من الشباب والشابات من إخواننا ورفاقنا من أبناء شعبنا الطيب ومادام أن إجراء”اللائحة الوطنية” هو إجراء استثنائي، ولا يسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة كما أكد على ذلك المجلس الدستوري ومنه فقد حان الوقت للتطبيق الصارم للدستور، لأنه لا أساس دستوري لهذه اللائحة التي ترسخ التمييز وتفرز المريدين عوض القادة.
(*) فاعل حقوقي وسياسي

اترك رد