القدس الشريف استمرار لاغتصاب الحق رغم قيام أدلة بطلانه

بقلم: مجدي أبو هنة (.)

مع استمرار اغتصاب حق المسلمين والفلسطينيين في القدس الشريف ومضي العدوان الإسرائيلي الصهيوني في أبشع صوره ضد غزة العزة وأهلها الصامدون الذين يلقنون العالم اليوم أروع صور الجهاد من أجل الأرض والعرض ومع هذه التضحيات العظام التي تواجه بكل بسالة وإصرار آلة وجبروت نظام الاستكبار العالمي الذي يدوس على كل القيم الأخلاقية والإنسانية في سبيل تحقيق مآربه الآثمة أمام كل قيم الحق والعدل في خضم هذه الأحداث العظيمة والأليمة يتجدد موعدنا هذا العام 1445هجري مع اليوم العالمي للقدس الشريف ثالث الحرمين وأولى القبلتين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي مناسبة تستحضر فيها ذاكرتنا جميعا ذكرى اغتصاب أقدس الأماكن عند المسلمين قاطبة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة إنها مناسبة متجددة كل عام بتجدد (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) مناسبة نستذكر فيها مهوى أفئدتنا إنها القدس التي كانت في بداية أمر الإسلام قبلة الرسول والمسلمين في صلاتهم وجاءت الإشارة إليها في سورة البقرة في قوله تعالى ( سيقول السفهاء من الناس ما ولهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) وفي تفسير الطبري لهذه الآية : ” القول في تأويل قوله تعالى : سيقول السفهاء من الناس قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه “سيقول السفهاء” : سيقول الجهال من الناس ، وهم اليهود وأهل النفاق، وإنما سماهم الله عز وجل سفهاء لأنهم سفهوا الحق فتجاهلت أحبار اليهود وتعاظم جهالهم وأهل الغباء منهم.
ويقول أبو الحسن النيسابوري في كتابه أسباب النزول : ” عن البراء قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني قدم إلى المدينة – فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا – وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم – يحب أن يتوجه نحو الكعبة فأنزل الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء ) إلى آخر الآية ، رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء”
وحتى بعد أن تحولت القبلة إلى بيت الله الحرام ظلت القدس مدينة ذات أهمية دينية عند المسلمين لا سيما بعد حادثتين متلازمتين تحملان دلالات ذات أهمية بالغة في الدين الإسلامي وهما حادثة الإسراء حيث أسرى الملاك جبريل عليه السلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى وهو الذي ببيت المقدس وحادثة المعراج حيث عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم من الصخرة المقدسة – وموقعها قبة الصخر الحالية بالقدس – إلى السموات العلى حيث التقى بمن سبقه من الأنبياء والرسل وتلقى من ربه تعاليم قدسية منها ما كان حول ثاني أهم ركن من أركان الإسلام وهو ركن الصلاة وكيفيتها وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في كتاب الله العزيز في سورة الإسراء عند قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير)، والمسجد الحرام هو الكعبة والفناء المحيط بها والمسجد الأقصى هو المسجد المعروف ببيت المقدس الكائن بإيلياء وهو الذي بناه النبي يعقوب وجدده النبي سليمان عليهما السلام ، ويقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين المحتلة ويشمل كامل المنطقة المحاطة بالسور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة ويشمل قبة الصخرة والمسجد القبلي والمصلى المرواني ومصلى باب الرحمة وعدة معالم إسلامية أخرى و قبة الصخرة تحوي الصخرة المقدسة حيث عرج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء العلى ،
ومما جاء في مكانة المسجد الأقصى في الإسلام ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى) متفق عليه.
وتلك أدلة على أحقية المسلمين في بيت المقدس ويأتي متضافرا معها عدد لا يحصى من الأدلة الواردة في الدراسات والحفريات الأثرية التي أجريت من مختلف الجهات البحثية الدولية والتي أكدت جميعا عدم وجود أي أثر تاريخي علمي يدل على وجود الهيكل المزعوم من قبل اليهود والذي يسعون إلى بنائه على أنقاض المسجد الأقصى ونورد من هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر:
1. ما انتهت إليه جهود مجموعة من البعثات الأثرية المعنية بالحفريات والتي انطلقت جميعا من فرضية صحة ما جاء في معتقد اليهود حول الهيكل الموسوم عندهم بـ(بيت الإله ومكان العبادة المقدس ) : من هذه الجهود : حفائر المبشر الأمريكي باركلي عام 1839 م وحفائر الضابط الإنجليزي شارلفروارن عام 1867م وحفائربلبيس بين عامي 1893و 1896م وحفار الضابط الإنجليزي الكابتن واركر عام 1911م حفائر الإنجليزي ماكاليستر بين 1923و 1926م وحفائر كروفوت عام 1927م وحفائر مصلحة الآثار الإسرائيلية عام 1967م والحفائر المشتركة بين الجامعة العبرية وجمعية الكشف الإسرائيلي منذ عام 1968م وقد انتهت جميع هذه الجهود إلى بطلان الفرضية التي انطلقت منها لعدم قيام الأدلة على إثبات صحتها .
2. ما أعلنه العالم الأثري الإسرائيلي زئيف هرتسوغ في تقريره المثير للجدل بعنوان “التوراة : لا إثبات على الأرض ” ذكر فيه أنه ” بعد سبعين عاما من الحفريات المكثفة في فلسطين توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة : لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق ولم تحتل فلسطين ولا ذكر لأمبراطورية داود وسليمان “.
3. شهادة الدكتورة كاتلين كابينوس مديرة الحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس التي قررت سنة 1968م مع فريق من علماء الآثار المسيحيين عدم وجود أي أثر لهيكل سليمان المزعوم.
4. تقرير اللجنة الدولية المتفرعة من عصبة الأمم المتحدة التي تكونت سنة 1929 برئاسة وولترشو للنظر في الخلاف حول ملكية حائط البراق (المبكى) ومكثت شهرا كاملا في فلسطين من 19/6 إلى 19/7 / 1930م واستمعت لأحد عشر محاميا من مسلمين ومسيحيين من مختلف دول العالم كما استمعت إلى أقوال 22 شاهدا قدمهم الجانب اليهودي فندت هذه اللجنة إدعاءات الإسرائيليين بحقهم التاريخي في القدس وأثبتت أن الحائط وقف

(.) باحث أكاديمي ليبي

اترك رد