وقفة التجار بآسفي بين العصيان وحق المواطنين في الصحة والسلامة..

بقلم: عبداللطيف أبوربيعة
..بداية لا بد من الإشارة والتأكيد بل والتشديد على أننا مع المصلحة العليا الوطن والمواطنين وضد كل ما أو من شأنه تهديد سلامتهم وأمنهم وصحتهم أيا كان توجهه ..وحتى لا يفهم من بسط رأينا أننا ضد مصالح هذه الفئة أو تلك نجهر بالقول أننا نناضل وسنناضل مع كل من يصبو لنيل حقوقه المشروعة وصون مكتسباته شريطة عدم تعارض ذلك مع مصلحة الوطن وأمنه واستقراره وسلامة المواطن وصحته..
مناسبة هذه التوطئة ، بما أن المناسبة شرط، هو ما شهدناه مساء يومه الجمعة 17 يوليوز الجاري بساحة محمد الخامس قبالة مقر عمالة إقليم آسفي من خلال الوقفة التي أراد لها منظموها أن تكون احتجاجية على السلطات المحلية ضد قرارها إغلاق المحلات التجارية في الثامنة مساء ، وهو لعمري إجراء من بين عدة إجراءات اتخذتها هذه السلطات للحد من تفشي وباء كوفيد 19 والذي بلغ في الأيام القليلة الماضية مستوى مقلق أصاب بالذعر والتوجس الساكنة الآسفية ومن بينها حتى أولئك التجار المحتجين اليوم والتي أصبحت تتوق ، مع ارتفاع وتيرة انتشار الوباء ، لاتخاذ إجراءات وتدابيروقائية عاجلة للتصدي لهذا الانتشار المقلق للفيروس في الأوساط الآسفية ..
وقفة بغض النظرعن توقيتها ودوافعها الحقيقية والأجندة التي تخدمها والتي لا يعلمها إلا الداعون إليها والتي تأتي في وقت ينقسم فيه رأي التاجر الآسفي بين مؤيد ومعارض والذي لا أدل على ذلك من العدد القليل للمشاركين في الوقفة وتصريحات معارضين لها قبل أيام لبعض المنابر الإعلامية ، ( وقفة) تجعلنا نطرح على هؤلاء السؤال : ألم يكن جلالة ملك البلاد الذي تبررون بتعليماته وقفتكم الاحتجاجية اليوم وحرصا من جلالته على صحة وسلامة رعاياه ، هو من أعطى أوامره السامية منذ بداية انتشار وباء كوفيد 19 بالعالم وبعد ظهور الحالات الأولى على الصعيد الوطني ، وفي إطار مقاربة جلالته الاستباقية للتصدي لانتشار الوباء بالبلاد تعليماته السامية للحكومية وللسلطات العمومية ( أعطى أوامره) باتخاذ و تعزيز الإجراءات الوقائية والاحترازية بهدف الحد من انتشارالجائحة، ومواجهة تداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية..وكان من بين الإجراءات إلغاء التجمعات والتظاهرات والتقارب بين الأشخاص كالذي شاهدناه مع الأسف اليوم خلال وقفة التجار والتي لم يراعى فيها التباعد الاجتماعي مع كامل الأسف..ألم يكن من المحتمل ، لا قدر الله ، أن تتحول هذه الوقفة إلى بؤرة وبائية جديدة ..
وتجدر الإشارة إلى أن وقفة اليوم شكلت حسب المتتبعين إعلانا للعصيان ودعوة للفوضى من خلال رفع شعارات وإطلاق تصريحات تؤكد أن منظمو الوقفة هم ضد القرارات التي اتخذتها سلطات آسفي والتي اعتبروها قرارات تعسفية وجائرة وسلطوية بل وهددوا بالتصعيد عبر محطات مستقبلية لإجبار السلطات المحلية على التراجع..قرارات وتدابير اعتبروها كذلك ويعتبرها الكثير من المتتبعين قرارات احترازية ووقائية ضد انتشارالوباء ..وإلا كيف تسمح فئة لنفسها أن تقف ضد هكذا تدابير وإجراءات فقط لتحقيق مصلحتها الشخصية الضيقة دون التفكير في المصلحة العليا للوطن والصحة والسلامة العامة للمواطنات والمواطنين ؟..ألم تسارع الحكومة التي ترفع الشعارات ضدها اليوم ، وحفاظا على صحة وسلامة هؤلاء التي فضلها عاهل البلاد على الاقتصاد، إلى فرض حجر صحي وقانون الطوارئ الصحية على امتداد التراب الوطني مددته لفترتين متتاليتين موازاة مع معدل تفشي الوباء وخاصة مع ظهور بؤر وبائية ببعض المدن المغربية؟. ألم تتم الدعوة والسماح وتماشيا مع الوضعية الاقتصادية والاجتماعية ، بالرفع التدريجي للحجر الصحي داخل التراب الوطني مع الإبقاء على قانون الطوارئ الصحية ، وهي الوضعية التي مكنت من استئناف بعض الأنشطة وبعثت الروح من جديد في الاقتصاد الوطني؟
وبموازاة مع تخفيف إجراءات الطوارئ ضمن مشروع مرسوم 2.20.406 وضعت الحكومة بين يدي وزير الداخلية صلاحية اتخاذ القرار والتدبير الذي يراه مناسبا على الصعيد الوطني في ضوء المعطيات المتوفرة حول الحالة الوبائية السائدة بالمملكة، وبتنسيق مع السلطات الحكومية المعنية من أجل التخفيف من القيود والتخفيف من عدمه إجراءات الطوارئ.. وهو المشروع الذي يجيز لولاة الجهات وعمال عمالات واقاليم المملكة كل في نطاق اختصاصه الترابي، اتخاذ القرار والتدبير المناسب على مستوى كل عمالة أو إقليم أو جماعة أو أكثر لتفادي انتشار الوباء..
وبما أن آسفي كانت من بين أقاليم المملكة التي عرفت ظهور بؤرة وبائية بمعامل التصبير فاقت فيها عدد الإصابات 500 ولا زالت تظهر بين الفينة والأخرى حالات إصابة هنا وهناك ،بات من الضروري وعملا بتفويض الصلاحيات إلى الولاة والعمال وبداية من الاثنين 06 يوليوز 2020 ،الشروع في تطبيق إجراءات صارمة، للحد من تنقلات المواطنين، وذلك من خلال وضع سدود أمنية بمختلف الشوارع الرئيسية وعند مداخل ومخارج المدينة. وكان اتخاذ قرار إغلاق المحلات التجارية في السادسة مساء ثم بعد ذلك في الثامنة مساء من بين الإجراءات التي تقررت بناء على بلاغ صدر حينها عن ولاية جهة مراكش آسفي وعمالة إقليم آسفي خلص إلى أن السلطات المحلية ستتبع وتراقب بشكل يوميا وباستمرار للوضعية الوبائية بالمدينة والإقليم، بهدف للتحكم في تفشي الوباء والعودة للحياة العادية في أقرب الآجال ..
لماذا إذن اليوم هذا الاحتجاج والدعوة إلى التصعيد من قبل فئة التجار ، مع العلم أن التدابير والإجراءات المتخذة من طرف السلطات المحلية ليست ضد هذه الفئة أو تلك ، بل هي تدابير وإجراءات احترازية ووقائية لفائدة الساكنة الآسفية جمعاء من أجل التصدي لتفشي الوباء وحفاظا على السلامة والصحة للجميع حتى تعود آسفي لسابق عهدها إقليم دون إصابة بكوفيد 19 ..

اترك رد