مجموعة تفكير سويدية تسلط الضوء على المأزق ومناخ عدم اليقين السائد في الجزائر

بالواضح - و م ع

رسم المعهد السويدي للعلاقات الدولية صورة قاتمة عن الأزمة المتعددة الأوجه التي تتخبط فيها الجزائر ، البلد الغارق في حالة عدم اليقين والمفتوحة على المجهول.

ورسمت المجلة الإلكترونية ” أوتريكسماغازينت” التابعة للمعهد صورة قاتمة للوضعية الراهنة في الجزائر التي وصلت إلى” طريق مسدود” ، وأشارت إلى ” المظاهرات الضخمة التي نظمت ضد نظام يوجد تحت الضغط، ويعاني من الأزمة الاقتصادية ووباء فيروس كورونا”.

وحذر كاتب المقال من أن ” الوضع المحموم والهش في هذا البلد الواقع في شمال إفريقيا قد تكون له على المدى البعيد تداعيات على استقرار المنطقة برمتها وعلى أمن بلدان الاتحاد الأوروبي”.

وركزت مجلة “أوتريكسماغازينت” ، في هذا السياق ، على مطالب حركة الاحتجاج (الحراك) التي تطالب الأوليغارشية التي تتولى الحكم، بدعم من الجيش ، “بإفساح المجال لحكم جديد “.

وذكّرت بالمظاهرات الضخمة التي شهدتها شوارع الجزائر للمطالبة “بضرورة رحيل الجميع ” ، غداة استقالة الرئيس السابق بوتفليقة.

وأضافت أن النظام ” لا زال يمسك بالسلطة ، لكنه بات اليوم يتعرض لضغوط قوية إلى جانب معاناته من العديد من الأزمات الموازية التي يتعين إدارتها: الأزمة السياسية التي أثارها الحراك ، والأزمة الاقتصادية التي تفاقمت خلال الأشهر الستة الماضية ، ووباء كوفيد 19 الذي يعصف بالجزائر في الوقت الذي يعاني نظامها الصحي من العجز منذ أمد طويل” .

وتطرق المصدر نفسه لمخاوف العديد من الباحثين الذين “يتفقون على أن انتشار فيروس كورونا من جديد أعطى للنظام فرصة سياسية لقمع الحراك بقسوة أكبر “.

وأضافت أن ” نشطاء وصحفيين ومدونين هم الآن قابعون في السجن منذ ستة أشهر ، غالبًا لأسباب تعسفية. وقد حُكم على أحد الوجوه الأكثر شهرة في الحراك ، وهي طبيبة النساء ، أميرة بوراوي ، 44 عامًا ، بالسجن لمدة عام في شهر يونيو الماضي”.

وتابعت أن ” عدد المعتقلين ليس وحده الذي يثير القلق، وإنما أيضا العقوبات السجنية الصادرة في حق عدد من الأشخاص ” ، موضحة أن القضية التي “حظيت بأكبر قدر من الاهتمام وهزت الحراك هي الحكم القاسي الذي صدر في شهر غشت الماضي في حق الصحفي خالد درارني عقب تغطيته لإحدى المظاهرات “.

وأشارت إلى أنه ” يمكن تفسير هذا الحكم على أنه تحذير من النظام للمعارضين. فقد تعاظم الغضب والخوف في صفوف نشطاء الحراك، وأصبح الكثيرون أكثر حذرا إزاء ما يكتبونه في وسائل التواصل الاجتماعي ، في الوقت الذي أكدت فيه منظمة “مراسلون بلا حدود” بأن النظام دخل في ” دوامة الاستبداد” .

وأشارت المجلة إلى أن مثالا آخر على هذا النوع من القمع الذي تحدثت عنه مجموعة التفكير السويدية يتمثل في القانون الجديد الذي صوت عليه البرلمان في شهر أبريل الماضي ، والذي يجرم نشر” أخبار كاذبة تعتبر مسيئة لأمن البلاد “.

وقال المصدر ذاته ” لا نعرف بعد أي مسار سيسلكه الحراك في الأشهر المقبلة. والمسألة الجوهرية بالنسبة لمستقبل الجزائر، هي معرفة ما إذا كان هذا الحراك سيستأنف المظاهرات الميدانية عندما يتم رفع القيود ، وكيف سيتصرف النظام في هذه الحالة “.، وأبرز أنه إلى حدود اليوم ” تجنبت السلطات استعمال العنف على نطاق واسع ، ولجأت بدل ذلك إلى تكتيك التخويف”.

وسجلت ” أوتريكسماغازينت” أنه منذ فبراير 2019 ، “لم تحدث أي فترة انتقالية حقيقية بعد بوتفليقة ، لكن وعيًا سياسيًا جديدًا برز بين الجزائريين ، وجدار الخوف الذي منع المواطنين في السابق من التعبير عن استيائهم تصدع بشكل كبير” ، مذكرة بمطالب المتظاهرين المستمرة بإقامة دولة مدنية دون تدخل الجيش في السياسة.

واعتبرت المجلة أن “هذا يمثل إشكالية عميقة بالنسبة للنظام الحالي الذي يعتبر نفسه ، والجيش من ورائه ، الحكم الشرعي للبلاد. ولا يوجد أي مؤشر يدل على أن الجيش على استعداد لتقديم تنازلات”.

وأكدت مجموعة التفكير أنه ” في الوقت ذاته، تظهر العديد من المؤشرات أن الأدوات التي كان يتوفر عليها النظام في الماضي لإخماد الاضطرابات الاجتماعية لم تعد ممكنة. وكانت إحدى هذه الأدوات هي شراء السلم الاجتماعي باستعمال المداخيل المحصل عليها من صادرات الغاز ، مثلا من خلال رفع الدعم المقدم للسكان. ولكن حتى هذا الخيار أصبح غير ممكن (…) فقد هوى بقوة سعر النفط منذ عدة سنوات إلى أدنى مستوى”.

وتابعت أنه وفقًا للتوقعات قد يجد النظام صعوبة متزايدة في الحفاظ على منظومة الدعم الحالية ، بعد بضع سنوات ، في ظل التراجع الحاد في عائدات النفط والغاز ، واعتبرت المجلة أن وقف الإعانات ، في ظرفية حرجة أصلا يمر منها السكان ، ينطوي على خطورة عالية سياسيا .

وأضافت قائلة ” ستخبرنا الأشهر القليلة المقبلة ما إذا كانت المظاهرات ، المتوقفة اليوم بسبب وباء كورونا ، ستكتسب زخما جديدا وأي اتجاه ستسلكه الجزائر”.

وترى مجموعة التفكير السويدية أن ” التحديات السياسية والاقتصادية الداخلية للجزائر تهم أيضا جيرانها ، وكذلك الاتحاد الأوروبي ، الذي يوجد على بعد 150 كيلومترًا فقط في الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط”

وخلصت إلى أن ” الاتحاد الأوروبي لديه كل الأسباب ليتتبع عن كثب ما يجري” في هذا البلد.

اترك رد