“الخلايا النائمة” قصة قصيرة منتقاة من المجموعة القصصية “رسائل على الميسنجر” للمبدع المغربي الأستاذ “يونس شفيق”

قراءة ممتعة مشوقة لهذه القصة القصيرة النقدية الساخرة بأسلوب عذب مشوق

بقلم: يونس شفيق

ولأنه زمن الفيسبوك فقد تكاثر الشعراء والأدباء، وصار كل من خط جملة هجينة، في غالب الأمر تكون غير مفيدة يبدأ التطبيل والتزمير له بكلمات رنانة وكبيرة كتلك التي يرددها مريدو الزوايا والأحزاب السياسية. وهناك من يستقبل الهدايا الافتراضية والقبل الهوائية والقلوب الحمراء التي تخترقها سهام حادة. كل هذا حبا وإعجابا بما خط حبره وكأنه أتى بشيء سبق فيه زمانه. كل من أراد أن يصبح كاتبا ومشهورا فما عليه إلا أن يجمع حوله شرذمة من أصحابه وجيرانه وحبيباته السابقات اللواتي تزوجن ولم يعدن ناقمات عليه وتلاميذه الأبرياء ويكتب لهم بين الحين والآخر بعض الحروف المرتبة والمزوقة، وسيجني من خلال ذلك اعترافا بمهاراته ونبوغه الإبداعي.
وبما أن الأمر حلال لا شبهة فيه ولا يعاقب عليه القانون فقد جند، هذا الرجل الذي يدعي أنه المهدي الذي سيخلص الأدب من الرداءة، في بيته الفيسبوكي جيشا من هواة القراءة والكتابة وقدم لهم نفسه دكتورا كاتبا وناقدا في الأدب يقام له ويقعد، رغم أن اسمه لم تتداوله لا جرائد ولا مجلات تعنى بالثقافة، حتى الأسماء المعروفة في الوسط لم تسمع عن اسمه من قبل. جعل نفسه زعيما ثقافيا عليهم وصار جميع من لديه في الفيسبوك يستشيره قبل أن ينشر شيئا. كان سليط اللسان، لاذع النقد. لا شيء يرضي ذائقته حسب تدخلاته المتكررة، كلف نفسه وصيا على الشعر والأدب. أوهمهم بتمكنه الأدبي وإمكانياته الخارقة حتى صار الجميع يطلب وده خوفا من هجوم مباغث. توهم نفسه أنه نجح في كسب أصوات لصالحه، فسولت له نفسه أن ينشر بعض الخربشات الإنشائية من كتاباته، ففاجأته الخلايا النائمة خلف جداره الأزرق مفجرة أحزمة ناسفة وممطرة إياه بوابل من السب والشتم انتقاما لشعرهم ومحاربة للرداءة التي ينتجها.

اترك رد